ذكرناه، لأن المنع بالقهر أو الضرب والسب إذا كان مما لا يحسن استعماله مع المخالفين في كثير من الأصول فأولى أن لا يستعمل مع المخالف في الفروع، فمن ادعى أنهم سوغوا الاجتهاد من حيث لم يظهر منهم في المنع عنه أكثر من المناظرة والمحاجة والدعاء والترغيب كمن أدعى أنهم سوغوا الخلاف في الأصول لأنهم لم يتعدوا في كثير منها هذه الطريقة، ومما يؤيد ما ذكرناه من إنكار القوم على من خالفهم ما تظاهرت به الرواية عن ابن عباس من قوله: " من شاء باهلته (1) في باب العول " (2) وقوله: ألا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأدب أبا " (3).
ولهذه الأخبار أمثال كثيرة معروفة:
فأما تولية أمير المؤمنين عليه السلام المخالفين له في المذهب فما نعرف من ولاته من يقطع على خلافه له، ولو ثبت ذلك لم يمتنع أن يفعله عليه السلام على وجه الاستصلاح والتآلف، فالظاهر من أحواله عليه السلام أنه في حال ولايته الأمر لم يكن متمكنا من جميع مراداته وقد صرح بذلك بقوله عليه السلام: " أما والله لو ثني [ت] الوسادة لي لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتى يزهر (4) كل كتاب من هذه