الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٧٩
ما بيناه من قبل - فإذا لم يكن شرع لم تجب الحاجة إلى حجة في الزمان، وإنما يمكن التعلق بذلك في أنه لا بد من حجة بعد وجود الرسل، وهذا أيضا لا يصح لأن في الرسل من يجوز أن يكلف أداء الشريعة إلى من يشاهده ولا تكون شريعته مؤبدة، بل تكون مخصوصة بزمانه وقومه،... إلى آخر كلامه " (1).
يقال له: ما نراك تخرج فيما تحكيه من طرقنا وأدلتنا عن إيراد ما لا نعتمده جملة، ولا نرتضيه دلالة وطريقة، وإيراد ما يتعلق به بعضنا فلا يرتضيه أكثرنا، والمحققون منا، أو تحريف المعتمد (2)، وتنحيته وإزالته عن نظمه وترتيبه، أو حكاية لفظ ربما عبر به بعض أصحابنا، وتفسيره على خلاف المراد وضد الغرض.
فأما هذه الطريقة التي حكيتها آنفا فترتيب الاستدلال بها على خلاف ما رتبته وهو أن يقال: قد علمنا أن شريعته نبينا عليه السلام مؤبدة غير منسوخة، ومستمرة غير منقطعة، فإن التعبد لازم للمكلفين إلى أوان قيام الساعة، ولا بد لها من حافظ، لأن تركها بغير حافظ إهمال لأمرها، وتكليف لمن تعبد بها ما لا يطاق، وليس يخلو أن يكون الحافظ معصوما أو غير معصوم، فإن لم يكن معصوما لم يؤمن من تغييره وتبديله (3)، وفي جواز ذلك عليه - وهو الحافظ لها - رجوع إلى أنها غير محفوظة في الحقيقة:، لأنه لا فرق بين أن تحفظ بمن جائز عليه التغيير والتبديل والزلل والخطأ وبين أن لا تحفظ جملة إذا كان ما يؤدي إليه القول بتجويز ترك حفظها يؤدي إليه حفظها بمن ليس بمعصوم، وإذا ثبت أن الحافظ لا بد

(1) المغني 20 ق 1 / 69.
(2) يعني أو إيراد تحريف المعتمد التحريف.
(3) أي تغيير الشريعة وتبديل الأحكام.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»