الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٧٣
الحجة في كل بلد، وعند كل فريق، ويلزمهم إبطال الفتاوى من العلماء لجواز الغلط عليهم، أو على كثير منهم، وأن يوجبوا أن لا يفتي إلا الإمام، ولا يحكم إلا هو، وفي ذلك خروج عن دين المسلمين،... " فيقال له: أما وجود الإمام وظهوره في كل بلد فقد مضى الكلام فيه دفعة بعد أخرى.
فأما الفتاوى فلا تبطل - كما ادعيت - بل يتولاها من استودع حكم الحوادث - وهم الشيعة - بما نقلوه عن أئمتهم عليهم السلام، ومن عدل عن هذا المعدن الذي بيناه لم يكن له أن يفتي، لأنه لا يفتي في الأكثر إلا بما هو عامل فيه بالظن والترجيم (1) فإن قال: هذا تصريح منكم باستغناء الشيعة بما علمته عن إمام الزمان لأنها إذا كانت قد استفادت علم الحوادث عمن تقدم ظهوره من الأئمة عليهم السلام فأي حاجة بها إلى هذا الإمام؟
قيل له: إنما يجب ما ظننته لو كان ما استفدته من هذه العلوم ووثقت به لا يفتقر إلى كون الإمام من ورائهم، وقد علمنا خلاف ذلك، لأنه لولا وجود الإمام مع جواز ترك النقل على الشيعة والعدول عنه لم نأمن أن يكون ما أدوه إلينا بعض ما سمعوه، وليس نأمن وقوع ما هو جائز عليهم مما أشرنا إليه إلا بالقطع على وجود معصوم من ورائهم.
قال صاحب الكتاب: " وبعد، فقد علمنا أن من يعترف (2) بالإمام والحجة قد اختلفوا في مذاهب (3) فيلزمهم الحاجة إلى إمام آخر

(1) الترجيم: تفعيل من الرجم وهو في هذا الموضع مرادف للظن.
(2) غ " يعرف " (3) أي في الأحكام.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»