الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٨٠
أن يكون معصوما استحال أن تكون محفوظة بالأمة وهي غير معصومة، والخطأ جائز على آحادها وجماعتها، وإذا بطل أن يكون الحافظ هو الأمة فلا بد من إمام معصوم حافظ لها.
وهذا على خلاف ما ظنه صاحب الكتاب لأن من أحسن الظن بأصحابنا لا يجوز أن يتوهم عليهم الاستدلال بهذه الطريقة مع تصريحهم في إثباتها بما يوجب الاختصاص بشريعتنا هذه على وجوب الإمامة في كل عصر وأوان، وقبل ورود الشرع.
فإن قال: وأي فائدة في الاستدلال على وجوب الإمامة بعد نبينا صلى الله عليه وآله ونحن متفقون على وجوبها بعده؟
قيل له: ليس الاتفاق بيننا وبينك يوجب دفع الخلاف من جميع فرق الأمة، وقد علمنا أن في الأمة من يخالف في وجوب الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وآله (1) فليس يمتنع أن نحاجه (2) بما ذكرناه.
وبعد، فلو كان الوفاق مع جميع الأمة ثابتا في وجوب الإمامة لم يكن وفاقنا على طريقتنا التي ذكرناها، لأنا نوجب الإمامة بهذه الطريقة من جهة حفظ الشريعة، وهذا يخالفنا فيه الكل.
قال صاحب الكتاب: " فعند ذلك يقال لهم: إن شريعة النبي صلى الله عليه وآله وإن كان لا بد من أن تكون محفوظة فمن أين

(1) كأبي بكر الأصم من المعتزلة، والخوارج فقد كانوا في بدء أمرهم يقولون ذلك ويذهبون أنه لا حاجة إلى الإمام، وجعلوا شعارهم " لا حكم إلا الله " ومرادهم لا إمرة إلا الله فقال علي عليه السلام " كلمة حق أريد بها باطل، نعم لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة " الخ كلامه عليه السلام ولكنهم رجعوا عن هذا القول لما أمروا عليهم عبد الله بن وهب الراسبي (2) نحاجه: تغلبه بالحجة عندما ترد عليه.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»