الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٧٦
الكتب فيقول: يا رب إن عليا قد قضى بقضائك "، وقوله عليه السلام وقد سأله قضاته عما يقضون به: " اقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي " يعني من تقدم موته لحال ولايته من أوليائه وشيعته الذين قبضهم الله تعالى فهم على حالة التمسك بالثقة.
فأما الرجوع من اجتهاد إلى غيره فغير معلوم منه عليه السلام، وأكثر ما يدعيه المخالفون من ذلك ما روي من قول عبيدة السلماني (1) وقد سأله عن بيع أمهات الأولاد فقال: " كان رأيي ورأي عمر أن لا يبعن، ورأيي الآن أن يبعن، إلى آخر الخبر (2) ". وهذا خبر واحد وقد رده أكثر الناس، وطعنوا في طريقه، ولو صح لم يكن مصححا للاجتهاد الذي يدعيه المخالفون، لأنه يمكن - على مذهبنا في حسن التقية بل على وجوبها في بعض الأحوال - أن يكون عليه السلام أظهر موافقة عمر لما علمه في ذلك من الاستصلاح، ولما زال ما أوجب إظهار الموافقة أظهر المخالفة.
وليس لأحد أن يقول: فقد كان يجب أن لا يخالف عمر في شئ من مذاهبه، وقد رأينا [أنه] خالفه في كثير منها، لأنه لا يمتنع أن يكون الخلاف في بعض المذاهب يثمر من العداوة والفساد ما لا يثمره غيره وإن

(١) عبيدة - بفتح أوله وزيادة هاء - بن قيس بن عمرو السلماني أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بسنتين ولم يلقه هاجر من اليمن إلى الكوفة زمن عمر مات بعد سنة ٧٠ (أنظر الإصابة ٣ / ١٠٢ ق).
(٢) في حاشية الأصل بتوقيع مصححه السيد فرج الله الحسيني رحمه الله ما هذه حروفه " قوله إلى آخر الخبر يحكي عن قول عبيدة: قال لي أمير المؤمنين عليه السلام بعد هذه الفتيا رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك في الفرقة، وهو - إن صح - كان كقوله لقضاته: اقضوا كما كنتم تقضون إلى آخره وهو إلى التقية أقرب " انتهى.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»