الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٧٨
معتمدة، ولا دلالة على وجوب الإمامة في كل زمان، وإن كان بعض أصحابنا قد تعلق بها، وقلنا: إنه لو قد صح الافتقار في هذه الطريقة المذكورة إلى السمع لما وجبت الحاجة إلى إمام في كل زمان، بل كان التواتر بما بينه الإمام المتقدم يغني عن إمام في كل عصر، وفصلنا بين ما يحتاجون إليه من الأغذية وما لا تقوم أبدانهم إلا به وبين العبادات في أن الأول لا يجوز أن يعدل الناس عن نقله والثاني جائز عليهم ترك نقله لعناد أو شبهة، وأن دواعي العدول عن النقل يصح دخولها في الثاني دون الأول ولا حاجة بنا إلى إعادة ما مضى.
قال صاحب الكتاب: " شبهة أخرى لهم، وربما سألوا فقالوا (1):
ما يوجب الحاجة إلى الرسول والنبي من بيان الشرائع والدعاء إلى الطاعة، إلى غير ذلك، يوجب الحاجة إلى من يقوم مقامه في حفظ شريعته، ويسد مسده، لأنا قد علمنا أنه لا أحد من أمته إلا وقد يجوز عليه أن لا يحفظ البعض أو الكل، وحال جميعهم كحال كل واحد منهم، فلا بد ممن يقوم بحفظ ذلك، وأن يكون معصوما يؤمن منه الغلط والسهو والكتمان، لأن تجويز ذلك عليه ينقض القول بأن الشريعة لا بد من أن تكون محفوظة، وفي ذلك إثبات الحاجة إلى إمام في كل زمان، إذ لا فرق ما بين وجوب الشريعة حتى لا تندرس وبين وجوب مؤديها (2) أولا، فإذا لم يتم حفظ ذلك إلا بوجود إمام معصوم، فلا بد من القول به،... " (3).
قال: " واعلم أن التعلق بذلك في أنه لا بد من حجة في كل زمان لا يصح، لأنه قد يجوز عندنا أن يخلو التكليف العقلي من الشرعي - على

(1) وقالوا، خ ل.
(2) موردها، خ ل وكذلك هي في المغني.
(3) المغني 20 ق 1 / 68.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»