غير عالم في الحقيقة بما يدعي أنه عالم به، وأنهم جميعا كاذبون في قولهم بأنهم عالمون.
وقولهم أيضا أن جميع مخالفيك في أصول الديانات التي طريقها الأدلة والعلم كاذبون فيما يدعونه من العلم بمذاهبهم التي يخالفونك فيها.
فإن قلت: إن هؤلاء لم يكذبوا فيما يجدون أنفسهم عليه من الاعتقاد، وإنما غلطوا في ادعاء كونه علما، وليس كون العلم علما بما يجده الانسان من نفسه ضرورة.
قيل لك: والفقهاء أيضا لم يكذبوا في أنهم يجدون أنفسهم في أمر ما، وإنما غلطوا في تسميته بأنه غلبة ظن، وهو في الحقيقة اعتقاد مبتدأ لا تأثير له.
قال صاحب الكتاب: " وبعد، فلو كان الحق في واحد لكان لا بد من أن يكون عليه دليل كالمذاهب في التوحيد والعدل، فكما يستغنى عن الإمام فيهما لما قدمناه من قبل فكذلك كان يجب الاستغناء عنه في هذه المسائل (1) وأن يقال: إن من خالف الحق إنما أتي (2) من قبل نفسه بأن قصر في النظر والاستدلال الذي يمكنه أن يفعله على الوجه الذي لزما ووجبا (3) وفي ذلك أيضا (4) يمكن الاستغناء عن الإمام،... " (5).
فيقال له: إنما كان ما ذكرته سائغا لو كان كل حق من الشريعة