شيئا من الشريعة يجب معرفته لمن لم يخل به من أجل كون الإمام من ورائها. وبينا أن من خالف الحق وضل عن دين الله تعالى الذي ارتضاه لا يعرف أكثر الشريعة لعدوله عن الطريق الذي يوصل إلى العلم بها، ولا يثق بأن شيئا مما يلزمه معرفته لم ينطو عنه وإن أظهر الثقة من نفسه، ولا يجب أن يكون من هذا حكمه معذورا لتمكنه من الرجوع إلى الحق.
فأما قولك: " إن قالوا بل نعرفها لا من قبل الإمام " فإن أردت إمام زماننا فقد بينا إنا قد عرفنا أكثر الشريعة ببيان من تقدم من آبائه عليهم السلام، غير أنه لا نقضي الغني في الشريعة من الوجه الذي تردد في كلامنا مرارا.
وإن أردت أن تعرف الشريعة لا من قبل إمام في الجملة بعد الرسول صلى الله عليه وآله فقد دللنا على بطلان ذلك.
وبعده وإن تقدم أكثر ما اختلف فيه من الشريعة لولا ما نقل عن الأئمة من آل الرسول صلى الله عليه وآله فيه من البيان لما عرف الحق، وإن من عول في الشريعة على الظن فقد خبط (1) وضل عن القصد، وبينا - أيضا - أن جميع الشريعة لو كان منقولا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقف منها شئ على بيان الأئمة بعده عليه السلام لكانت الحاجة إليهم فيها قائمة من حيث كان يجوز من نقلها فعلمناها أن لا ينقلها، وبعد أن نقلها أن يعدل عن نقلها فلا يعلم في المستقبل (2).
وقد تكرر هذا المعنى دفعة بعد أخرى، والعذر فيه لنا ما استعمله صاحب الكتاب من ترداد التعلق بالشئ الواحد وتكراره.