الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٧٢
عليه دليل قائم كأدلة التوحيد والعدل، وقد علمنا خلاف ذلك ضرورة، لأنه لو كانت الشريعة بهذه الصفة لما تكلف الناس في التوسل إليها طرق الاجتهاد والاستحسان كما لم يتكلفوا مثل هذا في التوحيد والعدل، والأمر فيما ذكرنا أوضح من أن يخفى على أحد، ومن اعترض (1) مذاهب مخالفينا في الفرع لم يصب على عشرها أدلة قاطعة كأدلة التوحيد والعدل، بل وجد المعول في جميعها أو أكثرها على الاجتهاد والظن وما أشبههما مما هو خارج عن طريقة العلم.
فإن قال: ما ذكرتموه يؤدي إلى الحيرة، وإلى أن الناس قد كلفوا إصابة الحق من غير دليل يصلون إليه من جهته.
قيل له: ما كلف الله تعالى إلا ما مكن من الوصول إليه من شريعة وغيرها، فما نقل من الشريعة عن الرسول صلى الله عليه وآله نقلا يقطع العذر كلفنا فيه الرجوع إلى النقل، وما لم يكن فيه نقل ولا ما يقوم مقامه من الحجج السمعية أما لأن الناس عدلوا عن نقله، أو لأنهم لم يخاطبوا به وعول بهم على قول الإمام القائم مقام الرسول عليه السلام كلفنا فيه الرجوع إلى أقوال الأئمة المستخلفين بعد الرسول، ولهذا؟ جد الحكم في جميع ما يحتاج إليه في الحوادث موجودا فيما ينقله الشيعة عن أئمتهم عليهم السلام، وكل ما تكلف فيه خصومنا القياس والاجتهاد وطرق الظن عند الشيعة فيه نص إما مجمل أو مفصل.
قال صاحب الكتاب: " ويلزمهم على هذه العلة (2) وجود الإمام وظهوره والتمكن من ملاقاته لإزالة هذا الاختلاف، ويلزمهم وجود

(1) اعترض: أي عرضها واحدا واحدا والمراد الوقوف عليها.
(2) وهي وجود الحجة ليقطع الخلاف.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»