منه أعظم لذكره لان المثل لا يضرب عند المبالغة لا بأعلى الأحوال، والأشعرية - على ما نقل عنهم - أجازوا ذلك. وفي الحديث " حل ولا تعقد " وفيه دلالة على أن له حقيقة، ولعله أصح.
وفي الخبر " إن من البيان لسحرا " قيل معناه لما كان في البيان من إبداع التركيب وغرابة التأليف ما يجذب السامع ويخرجه إلى حد يكاد يشغله عن غيره شبه بالسحر الحقيقي، وقيل هو السحر الحلال.
وعن الامام فخر الدين في تفسيره ما هذا لفظه: ولفظ السحر في عرف الشرع مختص بكل أمر مخفي سببه ويتخيل على غير حقيقة ويجري مجرى التمويه والخداع، قال الله تعالى: (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) وإذا أطلق ذم فاعله.
وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح فاعله ويحمد كقوله عليه السلام " إن من البيان لسحرا " أي بعض البيان سحر لان صاحبه يوضع الشئ المشكل بحسن بيانه فيستميل القلوب كما تستمال بالسحر.
وفي المصباح اختلف في قوله " إن من البيان لسحرا ومن الشعر لحكمة " (1) في أنه مدح أو ذم، فمعناه على الذم أنه يصرف ببيانه قلوب السامعين إلى قبول قوله ولو باطلا ويتكلف بزيادة مالا يعني ويخلط بالتلبيس ويذهب بغير الحق، وعلى المدح أنه يختار الألفاظ ويحسن الكلام، ويمكن أن يكون ردا على من زعم أن الشعر كله مذموم والبيان كله حسن، فقيل إن بعض البيان كالسحر في البطلان وبعض الشعر كالحكمة في الحقيقة، قيل والحق أن الكلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد.
وفي حديث علي عليه السلام مع طلحة والزبير " وسحرا كما " بالضم أي أجوافكما. والسحر كفلس وبرد الرية والجمع سحور وأسحار.
وقد يقال سحر كنهر لمكان حرف الحلق، ولعل منه حديث عبد الله بن عمر مع يزيد في تعنيفه على قتل الحسين عليه السلام " يا عدو الله قد قتلت رجلا كان رسول الله يقبل بين سحره ونحره ويقول: