لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٤٥١
سيبويه، وإن كان قد أجاز الوجه الآخر مع الرفع. وذي، بكسر الذال، للمؤنث وفيه لغات: ذي وذه، الهاء بدل من الياء، الدليل على ذلك قولهم في تحقير ذا ذيا، وذي إنما هي تأنيث ذا ومن لفظه، فكما لا تجب الهاء في المذكر أصلا فكذلك هي أيضا في المؤنث بدل غير أصل، وليست الهاء في هذه وإن استفيد منها التأنيث بمنزلة هاء طلحة وحمزة لأن الهاء في طلحة وحمزة زائدة، والهاء في هذا ليست بزائدة إنما هي بدل من الياء التي هي عين الفعل في هذي، وأيضا فإن الهاء في حمزة نجدها في الوصل تاء والهاء في هذه ثابتة في الوصل ثباتها في الوقف. ويقال: ذهي، الياء لبيان الهاء شبهها بهاء الإضمار في بهي وهذي وهذهي وهذه، الهاء في الوصل والوقف ساكنة إذا لم يلقها ساكن، وهذه كلها في معنى ذي، عن ابن الأعرابي، وأنشد:
قلت لها: يا هذهي هذا إثم، هل لك في قاض إليه نحتكم؟
ويوصل ذلك كله بكاف المخاطبة. قال ابن جني: أسماء الإشارة هذا وهذه لا يصح تثنية شئ منها من قبل أن التثنية لا تلحق إلا النكرة، فما لا يجوز تنكيره فهو بأن لا تصح تثنيته أجدر، فأسماء الإشارة لا يجوز أن تنكر فلا يجوز أن يثنى شئ منها، ألا تراها بعد التثنية على حد ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك نحو قولك هذان الزيدان قائمين، فنصب قائمين بمعنى الفعل الذي دلت عليه الإشارة والتنبيه، كما كنت تقول في الواحد هذا زيد قائما، فتجد الحال واحدة قبل التثنية وبعدها، وكذلك قولك ضربت اللذين قاما، تعرفا بالصلة كما يتعرف بها الواحد كقولك ضربت الذي قام، والأمر في هذه الأشياء بعد التثنية هو الأمر فيها قبل التثنية، وليس كذلك سائر الأسماء المثناة نحو زيد وعمرو، ألا ترى أن تعريف زيد وعمرو إنما هو بالوضع والعلمية؟ فإذا ثنيتهما تنكرا فقلت عندي عمران عاقلان، فإن آثرت التعريف بالإضافة أو باللام فقلت الزيدان والعمران وزيداك وعمراك، فقد تعرفا بعد التثنية من غير وجه تعرفهما قبلها ولحقا بالأجناس وفارقا ما كانا عليه من تعريف العلمية والوضع، فإذا صح ذلك فينبغي أن تعلم أن هذان وهاتان إنما هي أسماء موضوعة للتثنية مخترعة لها، وليست تثنية للواحد على حد زيد وزيدان، إلا أنها صيغت على صورة ما هو مثنى على الحقيقة فقيل هذان وهاتان لئلا تختلف التثنية، وذلك أنهم يحافظون عليها ما لا يحافظون على الجمع، ألا ترى أنك تجد في الأسماء المتمكنة ألفاظ الجموع من غير ألفاظ الآحاد، وذلك نحو رجل ونفر وامرأة ونسوة وبعير وإبل وواحد وجماعة، ولا تجد في التثنية شيئا من هذا، إنما هي من لفظ الواحد نحو زيد وزيدين ورجل ورجلين لا يختلف ذلك، وكذلك أيضا كثير من المبنيات على أنها أحق بذلك من المتمكنة، وذلك نحو ذا وأولى وألات وذو وألو، ولا تجد ذلك في تثنيتها نحو ذا وذان وذو وذوان، فهذا يدلك على محافظتهم على التثنية وعنايتهم بها، أعني أن تخرج على صورة واحدة لئلا تختلف، وأنهم بها أشد عناية منهم بالجمع، وذلك لما صيغت للتثنية أسماء مخترعة غير مثناة على الحقيقة كانت على ألفاظ المثناة تثنية حقيقة، وذلك ذان وتان، والقول في اللذان واللتان كالقول في ذان وتان. قال ابن جني: فأما قولهم هذان وهاتان وفذانك فإنما تقلب في هذه المواضع لأنهم عوضوا من حرف
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست