السماك الرامح تسميها الصبيان قصعة المساكين، وسميت قصعة المساكين لأن في جانبها ثلمة، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء. ويقال: ناقة متفككة إذا أقربت فاسترخى صلواها وعظم ضرعها ودنا نتاجها، شبهت بالشئ يفك فيتفكك أي يتزايل وينفرج، وكذلك ناقة مفكة قد أفكت، وناقة مفكهة ومفكة بمعناها، قال: وذهب بعضهم بتفكك الناقة إلى شدة ضبعتها، وروى الأصمعي:
أرغثتهم ضرعها الدن - يا، وقامت تتفكك انفشاح الناب للسق - ب، متى ما يدن تحشك أبو عبيد: المتفككة من الخيل الوديق التي لا تمتنع عن الفحل.
وما انفك فلان قائما أي ما زال قائما. وقوله عز وجل: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة، قال الزجاج: المشركين في موضع نسق على أهل الكتاب، المعنى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين، وقوله منفكين حتى تأتيهم البينة أي لم يكونوا منفكين حتى تأتيهم البينة أي لم يكونوا منفكين من كفرهم أي منتهين عن كفرهم، وهو قول مجاهد، وقال الأخفش:
منفكين زائلين عن كفرهم، وقال مجاهد: لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبين لهم الحق، وقال أبو عبد الله نفطويه: معنى قوله منفكين يقول لم يكونوا مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أبينت لهم في التوراة من صفة محمد، صلى الله عليه وسلم، ونبوته، وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه الماضي، وأكد ذلك فقال تعالى: وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة، ومعناه أن فرق أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا مقرين قبل مبعث محمد، صلى الله عليه وسلم، أنه مبعوث، وكانوا مجتمعين على ذلك، فلما بعث تفرقوا فرقتين كل فرقة تنكره، وقيل: معنى وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة أنه لم يكن بينهم اختلاف في أمده، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحرفوا في أمره، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحرفوا وبدلوا ما في كتابهم من صفته ونبوته، قال الفراء: قد يكون الانفكاك على جهة يزال، ويكون على الانفكاك الذي نعرفه، فإذا كان على جهة يزال فلا بد لها من فعل وأن يكون معناها جحدا، فتقول ما إنفككت أذكرك، تريد ما زلت أذكرك، وإذا كانت على غير جهة يزال قلت قد إنفككت منك وانفك الشئ من الشئ، فتكون بلا جحد وبلا فعل، قال ذو الرمة:
قلائص لا تنفك إلا مناخة على الخسف، أو نرمي بها بلدا قفرا فلم يدخل فيها إلا: إلا، وهو ينوي به التمام، وخلاف يزال لأنك لا تقول ما زلت إلا قائما. وأنشد الجوهري هذا البيت حراجيج ما تنفك، وقال: يريد ما تنفك مناخه فزاد إلا، قال ابن بري: الصواب أن يكون خبر تنفك قوله على الخسف، وتكون إلا مناخة نصبا على الحال، تقديره ما تنفك على الخسف والإهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح، قال الأزهري: وقول الله تعالى منفكين ليس من باب ما انفك وما زال، إنما هو من انفكاك الشئ من الشئ إذا انفصل عنه وفارقه، كما فسره ابن عرفة، والله أعلم. وروى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: فك فلان أي خلص وأريح من الشئ، ومنه قوله منفكين، قال: معناه لم يكونوا