قال ابن بري: أنشدهما الرياشي لأعرابي يذم رجلا اتخذ وليمة، قال: والصحيح في هذا وهو المختار أن الخلف خلف الإنسان الذي يخلفه من بعده، يأتي بمعنى البدل فيكون خلفا منه أي بدلا، ومنه قولهم:
هذا خلف مما أخذ لك أي بدل منه، ولهذا جاء مفتوح الأوسط ليكون على مثال البدل وعلى مثال ضده أيضا، وهو العدم والتلف، ومنه الحديث: اللهم أعط لمنفق خلفا ولممسك تلفا أي عوضا، يقال في الفعل منه خلفه في قومه وفي أهله يخلفه خلفا وخلافة. وخلفني فكان نعم الخلف أو بئس الخلف، ومنه خلف الله عليك بخير خلفا وخلافة، والفاعل منه خليف وخليفة، والجمع خلفاء وخلائف، فالخلف في قولهم نعم الخلف وبئس الخلف، وخلف صدق وخلف سوء، وخلف صالح وخلف طالح، هو في الأصل مصدر سمي به من يكون خليفة، والجمع أخلاف كما تقول بدل وأبدال لأنه بمعناه. قال: وحكى أبو زيد هم أخلاف سوء جمع خلف، قال: وشاهد الضم في مستقبل فعله قول الشماخ:
تصيبهم وتخطينا المنايا، وأخلف في ربوع عن ربوع قال: وأما الخلف، ساكن الأوسط، فهو الذي يجئ بعد. يقال:
خلف قوم بعد قوم وسلطان بعد سلطان يخلفون خلفا، فهم خالفون.
تقول: أنا خالفه وخالفته أي جئت بعده. وفي حديث ابن عباس: أن أعرابيا سأل أبا بكر، رضي الله عنه، فقال له: أنت خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، قال: فما أنت؟ قال: أنا الخالفة بعده. قال ابن الأثير: الخليفة من يقوم مقام الذاهب ويسد مسده، والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخلفاء على معنى التذكير لا على اللفظ مثل ظريف وظرفاء، ويجمع على اللفظ خلائف كظريفة وظرائف، فأما الخالفة، فهو الذي لا غناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف، وقيل: هو الكثير الخلاف وهو بين الخلافة، بالفتح، وإنما قال ذلك تواضعا وهضما من نفسه حين قال له: أنت خليفة رسول الله. وسمع الأزهري بعض العرب، وهو صادر عن ماء وقد سأله إنسان عن رفيق له فقال: هو خالفتي أي وارد بعدي. قال: وقد يكون الخالف المتخلف عن القوم في الغزو وغيره كقوله تعالى: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، قال: فعلى هذا الخلف الذي يجئ بعد الأول بمنزلة القرن بعد القرن، والخلف المتخلف عن الأول، هالكا كان أو حيا. والخلف: الباقي بعد الهالك والتابع له، هو في الأصل أيضا من خلف يخلف خلفا، سمي به المتخلف والخالف لا على جهة البدل، وجمعه خلوف كقرن وقرون، قال:
ويكون محمودا ومذموما، فشاهد المحمود قول حسان بن ثابت الأنصاري: لنا القدم الأولى إليك، وخلفنا، لأولنا في طاعة الله، تابع فالخلف ههنا هو التابع لمن مضى وليس من معنى الخلف الذي هو البدل، قال: وقيل الخلف هنا المتخلفون عن الأولين أي الباقون، وعليه قوله عز وجل: فخلف من بعدهم خلف، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب، قال: وهو الصحيح. وحكى أبو الحسن الأخفش في خلف صدق وخلف سوء التحريك والإسكان، قال: والصحيح قول ثعلب إن