الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي لما تعاقرا بصوأر، فعقر سحيم خمسا ثم بدا له، وعقر غالب أبو الفرزدق مائة. وفي حديث ابن عباس: لا تأكلوا من تعاقر الأعراب فإني لا آمن أن يكون مما أهل به لغير الله، قال ابن الأثير: هو عقرهم الإبل، كان الرجلان يتباريان في الجود والسخاء فيعقر هذا وهذا حتى يعجز أحدهما الآخر، وكانوا يفعلونه رياء وسمعة وتفاخرا ولا يقصدون به وجه الله تعالى، فشبهه بما ذبح لغير الله تعالى. وفي الحديث: لا عقر في الإسلام: قال ابن الأثير: كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى أي ينحرونها ويقولون: إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته فتكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته.
وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف، وهو قائم. وفي الحديث: ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، وإنما نهى عنه لأنه مثلة وتعذيب للحيوان، ومنه حديث ابن الأكوع: وما زلت أرميهم وأعقر بهم أي أقتل مركوبهم، يقال: عقرت به إذا قتلت مر كوبه وجعلته راجلا، ومنه الحديث: فعقر حنظلة الراهب بأبي سفيان بن حرب أي عرقب دابته ثم اتسع في العقر حتى استعمل في القتل والهلاك، ومنه الحديث: أنه قال لمسيلمة الكذاب: وإن أدبرت ليعقرنك الله أي ليهلكنك، وقيل: أصله من عقر النخل، وهو أن تقطع رؤوسها فتيبس، ومنه حديث أم زرع: وعقر جارتها أي هلاكها من الحسد والغيظ. وقولهم: عقرت بي أي أطلت جبسي كأنك عقرت بعيري فلا أقدر على السير، وأنشد ابن السكيت:
قد عقرت بالقوم أم خزرج وفي حديث كعب: أن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار، قيل لما وصفهما الله تعالى بالسباحة في قوله عز وجل: وكل في فلك يسبحون، ثم أخبر أنه يجعلهما في النار يعذب بهما أهلها بحيث لا يبرحانها صارا كأنهما زمنان عقيران. قال ابن الأثير: حكى ذلك أبو موسى، وهو كما تراه. ابن بزرج: يقال قد كانت لي حاجة فعقرني عنها أي حبسني عنها وعاقني. قال الأزهري: وعقر النوى منه مأخوذ، والعقر لا يكون إلا في القوائم. عقره إذا قطع قائمة من قوائمه. قال الله تعالى في قضية ثمود: فتعاطى فعقر، أي تعاطى الشقي عقر الناقة فبلغ ما أراد، قال الأزهري: العقر عند العرب كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقرا لأن ناحر الإبل يعقرها ثم ينحرها. والعقيرة: ما عقر من صيد أو غيره. وعقيرة الرجل: صوته إذا غنى أو قرأ أو بكى، وقيل: أصله أن رجلا عقرت رجله فوضع العقيرة على الصحيحة وبكى عليها بأعلى صوته، فقيل: رفع عقيرته، ثم كثر ذلك حتى صير الصوت بالغناء عقيرة. قال الجوهري: قيل لكل من رفع صوته عقيرة ولم يقيد بالغناء. قال: والعقيرة الساق المقطوعة. قال الأزهري: وقيل فيه هو رجل أصيب عضو من أعضائه، وله إبل اعتادت حداءه، فانتشرت عليه إبله فرفع صوته بالأنين لما أصابه من العقر في بدنه فتسمعت إبله فحسبنه يحدو بها فاجتمعت إليه، فقيل لكل من رفع صوته بالغناء: قد رفع عقيرته.
والعقيرة: منتهى الصوت، عن يعقوب، واستعقر الذئب رفع صوته بالتطريب في العواء، عنه أيضا، وأنشد:
فلما عوى الذئب مستعقرا، أنسنا به والدجى أسدف