لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٥١١
وحلمك عز، إذا ما حلمت، وطيرتك الصاب والحنظل ومنه قولهم: ازجر أحناء طيرك أي جوانب خفتك وطيشك.
والطائر: ما تيمنت به أو تشاءمت، وأصله في ذي الجناح. وقالوا للشئ يتطير به من الإنسان وغيره. طائر الله لا طائرك، فرفعوه على إرادة: هذا طائر الله، وفيه معنى الدعاء، وإن شئت نصبت أيضا، وقال ابن الأنباري: معناه فعل الله وحكمه لا فعلك وما تتخوفه، وقال اللحياني: يقال طير الله لا طيرك وطير الله لا طيرك وطائر الله لا طائرك وصباح الله لا صباحك، قال: يقولون هذا كله إذا تطيروا من الإنسان، النصب على معنى نحب طائر الله، وقيل بنصبهما على معنى أسأل الله طائر الله لا طائرك، قال:
والمصدر منه الطيرة، وجرى له الطائر بأمر كذا، وجاء في الشر، قال الله عز وجل: ألا إنما طائرهم عند الله، المعنى ألا إنما الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به في الآخرة لا ما ينالهم في الدنيا، وقال بعضهم: طائرهم حظهم قال الأعشى:
جرت لهم طير النحوس بأشأم وقال أبو ذؤيب:
زجرت لهم طير الشمال، فإن تكن هواك الذي تهوى، يصبك اجتنابها وقد تطير به، والاسم الطيرة والطيرة والطورة. وقال أبو عبيد: الطائر عند العرب الحظ، وهو الذي تسميه العرب البخت. وقال الفراء: الطائر معناه عندهم العمل، وطائر الإنسان عمله الذي قلده، وقيل رزقه، والطائر الحظ من الخير والشر. وفي حديث أم العلاء الأنصارية: اقتسمنا المهاجرين فطار لنا عثمان بن مظعون أي حصل نصيبنا منهم عثمان، ومنه حديث رويفع: إن كان أحدنا في زمان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليطير له النصل وللآخر القدح، معناه أن الرجلين كانا يقتسمان السهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه. وطائر الإنسان: ما حصل له في علم الله مما قدر له. ومنه الحديث: بالميمون طائره، أي بالمبارك حظه، ويجوز أن يكون أصله من الطير السانح والبارح. وقوله عز وجل:
وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، قيل حظه، وقيل عمله، وقال المفسرون: ما عمل من خير أو شر ألزمناه عنقه إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا، والمعنى فيما يرى أهل النظر: أن لكل امرئ الخير والشر قد قضاه الله فهو لازم عنقه، وإنما قيل للحظ من الخير والشر طائر لقول العرب: جرى له الطائر بكذا من الشر، على طريق الفأل والطيرة على مذهبهم في تسمية الشئ بما كان له سببا، فخاطبهم الله بما يستعملون وأعلمهم أن ذلك الأمر الذي يسمونه بالطائر يلزمه، وقرئ طائره وطيره، والمعنى فيهما قيل: عمله خيره وشره، وقيل: شقاؤه وسعادته، قال أبو منصور: والأصل في هذا كله أن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم علم قبل خلقه ذريته أنه يأمرهم بتوحيده وطاعته وينهاهم عن معصيته، وعلم المطيع منهم والعاصي الظالم لنفسه، فكتب ما علمه منهم أجمعين وقضى بسعادة من علمه مطيعا، وشقاوة من علمه عاصيا، فصار لكل من علمه ما هو صائر إليه عند حسابه، فذلك قوله عز وجل: وكل إنسان ألزمناه طائره، أي ما طار له بدأ في علم الله من الخير والشر
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست