لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٣٧٠
الأعرابي: السفر الفجر، قال الأخطل:
إني أبيت، وهم المرء يبعثه، من أول الليل حتى يفرج السفر يريد الصبح، يقول: أبيت أسري إلى انفجار الصبح. وسئل أحمد بن حنبل عن الإسفار بالفجر فقال: هو أن يصبح الفجر لا يشك فيه، ونحو ذلك قال إسحق وهو قول الشافعي وذويه. وروي عن عمر أنه قال: صلاة المغرب والفجاج مسفرة. قال أبو منصور: معناه أي بينة مبصرة لا تخفى. وفي الحديث: صلاة المغرب يقال لها صلاة البصر لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الأبصار والشخوص. والسفر سفران:
سفر الصبح وسفر المساء، ويقال لبقية بياض النهار بعد مغيب الشمس:
سفر لوضوحه، ومنه قول الساجع إذا طلعت الشعرى سفرا، ولم تر فيها مطرا، أراد طلوعها عشاء. وسفرت المرأة وجهها إذا كشف النقاب عن وجهها تسفر سفورا، ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة أي كشفت ما في قلب هذا وقلب هذا لأصلح بينهم. وسفرت المرأة نقابها تسفره سفورا، فهي سافرة: جلته.
والسفير: الرسول والمصلح بين القوم، والجمع سفراء، وقد سفر بينهم يسفر سفرا وسفارة وسفارة: أصلح. وفي حديث علي أنه قال لعثمان: إن الناس قد استسفروني بينك وبينهم أي جعلوني سفيرا، وهو الرسول المصلح بين القوم. يقال: سفرت بين القوم إذا سعيت بينهم في الإصلاح. والسفر، بالكسر: الكتاب، وقيل: هو الكتاب الكبير، وقيل: هو جزء من التوراة، والجمع أسفار. والسفرة: الكتبة، واحدهم سافر، وهو بالنبطية سافرا. قال الله تعالى: بأيدي سفرة، وسفرت الكتاب أسفره سفرا. وقوله عز وجل: كمثل الحمار يحمل أسفارا، قال الزجاج في الأسفار: الكتب الكبار واحدها سفر، أعلم الله تعالى أن اليهود مثلهم في تركهم استعمال التوراة وما فيها كمثل الحمار يحمل عليه الكتب، وهو لا يعرف ما فيها ولا يعيها. والسفرة: كتبة الملائكة الذين يحصون الأعمال، قال ابن عرفة:
سميت الملائكة سفرة لأنهم يسفرون بين الله وبين أنبيائه، قال أبو بكر: سموا سفرة لأنهم ينزلون بوحي الله وبإذنه وما يقع به الصلاح بين الناس، فشبهوا بالسفراء الذين يصلحون بين الرجلين فيصلح شأنهما. وفي الحديث: مثل الماهر بالقرآن مثل السفرة، هم الملائكة جمع سافر، والسافر في الأصل الكاتب، سمي به لأنه يبين الشئ ويوضحه. قال الزجاج: قيل للكاتب سافر، وللكتاب سفر لأن معناه أنه يبين الشئ ويوضحه. ويقال: أسفر الصبح إذا انكشف وأضاء إضاءة لا يشك فيه، ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر، يقول: صلوا صلاة الفجر بعدما يتبين الفجر ويظهر ظهورا لا ارتياب فيه، وكل من نظر إليه عرف أنه الفجر الصادق. وفي الحديث:
أسفروا بالفجر، أي صلوا صلاة الفجر مسفرين، ويقال: طولوها إلى الإسفار، قال ابن الأثير: قالوا يحتمل أنهم حين أمرهم بتغليس صلاة الفجر في أول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأول حرصا ورغبة، فقال:
أسفروا بها أي أخروها إلى أن يطلع الفجر الثاني وتتحققوه، ويقوي ذلك أنه قال لبلال: نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم، وقيل: الأمر بالإسفار خاص في الليالي المقمرة لأن أول الصبح
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست