لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٣٧٤
وقال المفسرون في السكر الذي في التنزيل:
إنه الخل وهذا شئ لا يعرفه أهل اللغة. الفراء في قوله: تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا، قال: هو الخمر قبل أن يحرم والرزق الحسن الزبيب والتمر وما أشبهها. وقال أبو عبيد: السكر نقيع التمر الذي لم تمسه النار، وكان إبراهيم والشعبي وأبو رزين يقولون: السكر خمر. وروي عن ابن عمر أنه قال: السكر من التمر، وقال أبو عبيدة وحده:
السكر الطعام، يقول الشاعر:
جعلت أعراض الكرام سكرا أي جعلت ذمهم طعما لك. وقال الزجاج: هذا بالخمر أشبه منه بالطعام، المعنى: جعلت تتخمر بأعراض الكرام، وهو أبين مما يقال للذي يبترك في أعراض الناس. وروى الأزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال:
السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق ما أحل من ثمرتها. ابن الأعرابي: السكر الغضب، والسكر الامتلاء، والسكر الخمر، والسكر النبيذ، وقال جرير:
إذا روين على الخنزير من سكر نادين: يا أعظم القسين جردانا وفي الحديث: حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب، السكر، بفتح السين والكاف: الخمر المعتصر من العنب، قال ابن الأثير: هكذا رواه الأثبات، ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف، يريد حالة السكران فيجعلون التحريم للسكر لا لنفس المسكر فيبيحون قليله الذي لا يسكر، والمشهور الأول، وقيل: السكر، بالتحريك، الطعام، وأنكر أهل اللغة هذا والعرب لا تعرفه. وفي حديث أبي وائل: أن رجلا أصابه الصقر فبعث له السكر فقال: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والسكار: النباذ. وسكرة الموت: غشيته، وكذلك سكرة الهم والنوم ونحوهما، وقوله:
فجاؤونا بهم، سكر علينا، فأجلى اليوم، والسكران صاحي أراد سكر فأتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، ورواه يعقوب سكر. وقال اللحياني: ومن قال سكر علينا فمعناه غيظ وغضب. ابن الأعرابي:
سكر من الشراب يسكر سكرا، وسكر من الغضب يسكر سكرا إذا غضب، وأنشد البيت. وسكر بصره: غشي عليه. وفي التنزيل العزيز: لقالوا إنما سكرت أبصارنا، أي حبست عن النظر وحيرت. وقال أبو عمرو بن العلاء: معناها غطيت وغشيت، وقرأها الحسن مخففة وفسرها: سحرت. التهذيب: قرئ سكرت وسكرت، بالتخفيف والتشديد، ومعناهما أغشيت وسدت بالسحر فيتخايل بأبصارنا غير ما نرى.
وقال مجاهد: سكرت أبصارنا أي سدت، قال أبو عبيد: يذهب مجاهد إلى أن الأبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السكر الماء من الجري، فقال أبو عبيدة: سكرت أبصار القوم إذا دير بهم وغشيهم كالسمادير فلم يبصروا، وقال أبو عمرو بن العلاء: سكرت أبصارنا مأخوذ من سكر الشراب كأن العين لحقها ما يلحق شارب المسكر إذا سكر، وقال الفراء: معناه حبست ومنعت من النظر. الزجاج: يقال سكرت عينه تسكر إذا تحيرت وسكنت عن النظر، وسكر الحر يسكر، وأنشد:
جاء الشتاء واجثأل القبر، وجعلت عين الحرور تسكر
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست