وقال: هذه كتبك إلى أهل خراسان تدعوهم إلى نقض بيعتي وأن يبايعوك دوني.
فقال الإمام (عليه السلام): والله ما فعلت، ولقد بلغت ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته، ثم أطرق المنصور وضرب يده إلى السيف فسل منه مقدار شبر، ثم رده وقال:
يا جعفر، أما تستحي مع هذه الشيبة وهذا السن أن تنطق بالباطل وتشق عصا المسلمين، أتريد أن تريق الدماء وتثير الفتنة بين الرعية؟! ومضى يخاطبه بهذا الأسلوب المشحون بالحقد والبغضاء والإمام (عليه السلام) يقول: والله ما فعلت ولا هذه كتبي ولا خطي ولا خاتمي، وما زال يحلف له ويتبرأ مما نسب إليه حتى سكن المنصور وقال: أظنك صادقا، كما روى ذلك المجلسي في البحار.
محمد بن يعقوب، بإسناده عن المفضل بن عمر قال، وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد، وهو واليه على الحرمين: أن أحرق على جعفر بن محمد داره، فألقى النار في دار أبي عبد الله (عليه السلام) فأخذت النار في الباب والدهليز، فخرج أبو عبد الله (عليه السلام) يتخطى النار ويمشي فيها ويقول: أنا ابن أعراق الثرى، أنا ابن إبراهيم الخليل (عليه السلام) (1).
وحدث عبد الله بن الفضل بن الربيع، قال: حج المنصور في سنة سبع وأربعين ومائة، قدم المدينة، قال للربيع ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به سعيا، قتلني الله إن لم أقتله. فتغافل الربيع عنه وناساه، فأعاد عليه في اليوم الثاني وأغلظ له في القول، فأرسل إليه الربيع. فلما حضر قال له الربيع: يا أبا عبد الله، اذكر الله تعالى فإنه قد أرسل إليك ما لا دافع له غير الله، وإني أتخوف عليك. فقال جعفر: