وكلما حركتهما سكن الغضب، بأي شيء كنت تحركهما جعلت فداك؟ قال:
بدعاء جدي الحسين (عليه السلام)، قلت: وما هو يا سيدي؟ قال: قلت:
(اللهم يا عدتي عند شدتي، يا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكفني بركنك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك على فلان، اللهم لا أهلك وأنت رجائي، اللهم إنك أكبر وأجل وأقدر مما أخاف وأحذر، اللهم بك أدرأ في نحره وأستعيذ بك من شره، إنك على كل شيء قدير).
قال الربيع: فما نزلت بي شدة قط ودعوت به إلا فرج الله عني، قال الربيع:
وقلت لأبي عبد الله منعت الساعي بك إلى المنصور من أن يحلف يمينه وأحلفته أنت تلك اليمين، فما كان إلا أخذ لوقته فتعجبت من ذلك ما فيه؟ قال: لأن في يمينه التي أراد أن يحلف بها توحيد الله وتمجيده وتنزيهه، فقلت: يحلم الله عليه ويؤخر عنه العقوبة، وأحببت تعجيلها فاستحلفته بما سمعت فأخذه الله لوقته.
ويدعي الرواة أنه استدعاه نحوا من ثماني مرات وهو حاقد عليه يريد قتله ثم يتراجع بعد الاجتماع به ويجد نفسه من حيث لا يريد مضطرا لإكرامه وتعظيمه.
يقول السيد هاشم معروف: وإن كنت أشك في أكثر ما يرويه بعض الرواة حول تلك المواقف المزعومة، ذلك لأن المنصور يعلم بأن الصادق كان منصرفا عن الخلافة وعن الثورة على نظام حكمه، ولم يكن على وفاق مع بني أعمامه الذين كانوا يخرجون بين الحين والآخر وقد أخبرهم بفشل جميع محاولاتهم الرامية إلى الاستيلاء على السلطة وانتزاعها من أيدي العباسيين، ولعلمه بما وصل إليه من آبائه وأجداده قد أخبر بقيام دولة بني العباس واستتباب الأمر لهم، وقد تلقى المنصور نفسه منه هذا النبأ بارتياح وغبطة كما ذكرنا من قبل وكان المنصور يجله ويعظمه ولا يرى لأحد فضلا عليه، ولا أظنه قد حاول قتله أو فكر بذلك لعلمه