موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٢
فإني رأيت ضرره عليك شديدا. فقال الإمام: علي من الله واقية تعينني عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه، فلما أذن له ودخل الإمام، قال له المنصور: يا جعفر، قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأبيك علي بن أبي طالب: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا وأخذوا التراب من تحت قدميك. وقال علي: يهلك في اثنان ولا ذنب لي:
محب غال ومبغض مفرط (1)، وإنما قال ذلك اعتذارا لأنه لا يرضى بما يقوله فيه المحب والعدو، وأنت تعلم ما يقال فيك، وقد زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنه حبر الدهر وحجة المعبود وترجمانه وعيبة علمه، فقل فإن أول من قال الحق جدك وأول من صدقه عليه أبوك، وأنت حري أن تقتفي آثارهما وتسلك سبيلهما.
فقال الإمام الصادق (عليه السلام): أنا فرع من تلك الزيتونة. فقال المنصور:
لقد أحالني على بحر لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه، هذا هو الشجى المعترض في حلوق الخلفاء الذي لا يجوز نفيه ولا يحل قتله، ولولا ما يجمعني وإياه من شجرة طاب أصلها وبسق فرعها وعذب ثمرها لكان مني إليه ما لا تحمد عقباه لما يبلغني عنه من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا، فأنكر عليه الإمام ذلك بأسلوب يوحي بالاعتذار.
ثم التفت إليه المنصور وقال: لقد صفحت عنك يا أبا عبد الله لصدقك، فحدثني بحديث أنتفع به ويكون لي زاجرا من الموبقات.
فقال الإمام (عليه السلام): عليك بالحلم فإنه ركن العلم، واملك نفسك عند أسباب القدرة فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا وتداوى حقدا ويحب

(1) في بعض الروايات: " مبغض قال ".
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»