موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٤
أنواع البلاء تنال أجر الصابرين، وإذا كنت تراني ظالما لك فلو اقتديت بيوسف وعفوت كما عفا عمن ظلمه كان ذلك أقرب للتقوى والله يحب المحسنين.
وكان لجواب الإمام أثر في نفس المنصور وأطرق برأسه قليلا ثم رفعه واتجه إلى الإمام بغير الوجه الذي قابله فيه من قبل فأدناه إليه ومسح على لحيته الكريمة بالغالية واعتذر منه، ثم قال للفضل بن الربيع كما جاء في الرواية: هيىء لأبي عبد الله جائزة حسنة وودعه إلى خارج قصره فعاد الإمام إلى بيته تحرسه عناية الله سبحانه من أولئك الجبابرة الذين كان وجود الإمام ثقيلا عليهم كما كان وجود آبائه ثقيلا على طغاة الأمويين لا لشيء إلا لأن أهل البيت كانوا يجسدون الحق والخير والعدالة والإحسان في جميع أعمالهم، وأولئك يجسدون الباطل والظلم والطغيان في سلوكهم وتصرفاتهم.
ومرة أخرى أرسل إليه محمد بن الربيع وأمره أن يأتي به على الحالة التي يجده عليها، قال محمد بن الربيع: لقد دخلت عليه الدار فوجدته يصلي ولما فرغ من صلاته قلت له: أجب أمير المؤمنين. فقال: دعني ألبس ثيابي، فقلت:
ليس إلى تركك من سبيل، لأني مأمور أن أحملك على الحالة التي تكون عليها.
فجئت به على حالته وأدخلته على المنصور وهو حاقد عليه فلما نظر إليه قال:
يا جعفر، أما تدع حسدك وبغيك على أهل هذا البيت من بني العباس؟ وما يزيدك ذلك إلا شدة الحسد ولست ببالغ ما تقدره. فقال الإمام (عليه السلام): والله يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من هذا، ولقد كنت في ولاية بني أمية وأنت تعلم بأنهم أعدى الخلق لنا ولكم وإنهم لا حق لهم في هذا الأمر، فوالله ما بغيت عليهم ولا بلغهم عني سوء، فكيف أصنع هذا وأنت ابن عمي وأمس الخلق بي رحما. فأطرق المنصور ساعة ثم رفع وسادة كانت إلى جنبه وأخرج من تحتها إضبارة كتب ورمى بها إليه،
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»