دعاه لقتله - ليقتله - فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله، غير أنه منع الناس عنه، ومنعه من القعود للناس، واستقصى [عليه] أشد الاستقصاء حتى [إنه] كان يقع لأحدهم مسألة في دينه [من شيعته] في نكاح أو طلاق أو غير ذلك فلا يكون علم ذلك عندهم، ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل أهله، فشق ذلك على شيعته وصعب عليهم، حتى ألقى الله عز وجل في روع المنصور أن سأل الإمام الصادق (عليه السلام) ليتحفه بشيء من عنده لا يكون لأحد مثله، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طولها ذراع، فرح بها المنصور فرحا شديدا، وأمر أن تشق له أربعة أرباع، وقسمها في أربعة مواضع، ثم قال له: جزاؤك عندي إلا أن أطلق لك، وتفشي علمك لشيعتك ولا أتعرض لك ولا لهم، فاقعد غير محتشم وافت الناس ولا تكون في بلدنا تقية، ففشا العلم عن الصادق (عليه السلام) (1).
وتوسعت مدرسته حتى بلغت أربعة آلاف طالب في الكوفة.
محمد بن يعقوب، بإسناده عن ظريف بن ناصح، قال: لما بعث المنصور الدوانيقي إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، رفع يده إلى السماء ثم قال: اللهم إنك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما، فاحفظني بصلاح آبائي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي (عليهم السلام)، اللهم إني أدرأ بك في نحره، وأعوذ بك من شره.
ثم قال للجمال: سر، فلما استقبله الربيع بباب المنصور الدوانيقي قال له:
يا أبا عبد الله ما أشد باطنه عليك! لقد سمعته يقول: والله ما تركت لهم نخلا إلا عقرته، ولا مالا إلا نهبته، ولا ذرية إلا سبيتها، قال: فهمس (عليه السلام) بشيء خفي