كبده قطعا قطعا حتى قضى نحبه ولقي ربه شهيدا مظلوما، فلما مات (عليه السلام) تزعزعت المدينة بسكانها، وخرجت المخدرات من خدورها وأوطانها، ناشرات للشعور، هاتكات للستور، شاقات للجيوب، خامشات للوجوه، لاطمات للخدود، خادشات للنواصي والعيون، كل تنادي: وا إماماه، وا جعفراه، وا سيداه، وخرج المساكين والأيتام ينادون: وا ضيعتاه، وا محنتاه، وا قلة ناصراه.
وبكاه ابنه موسى الكاظم (عليه السلام) قائلا: يا أبتاه، من [لنا] بعدك، وا طول حزناه، وا حسرتاه من بعدك يا أبتاه، وا انقطاع ظهراه. وقد نص على ابنه موسى ابن جعفر وأسر إليه تلك الوصاية وأظهرها وأشهد عليها جملة من الأوصياء والأعداء، فقام موسى (عليه السلام) في جهاز أبيه (عليه السلام) فغسله وحنطه كما أمره وكفنه وعيناه تهملان دموعا، وحمل جنازته (عليه السلام) إلى البقيع ودفنه جوار أبيه وعمه (عليهم السلام).
وقد روي أنه لما حملت جنازته ورفع سريره رثاه أبو هريرة الأبار (1) في تلك الحال فأنشأ يقول:
أقول وقد راحوا به يحملونه * على كاهل من حامليه وعاتق أتدرون من ذا تحملون على الثرى * ثبير ثوى من رأس علياء شاهق غداة حثا الحاثون فوق ضريحه * ترابا وأولى كان فوق المرافق فيا صادق بن الصادقين ألية * بآبائك الأطهار حلفة صادق