موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٨
بأن عملا من هذا النوع يكلفه ما لا يطيق.
هذا بالإضافة إلى أن تلك المرويات تصور الإمام الصادق في موقف الذليل الذي يستجدي عفو المنصور ورضاه مع أن أكثر الروايات تنص على أنه لم يهادن أحدا على حساب دينه وكان ينقض عليه وعلى غيره من الظلمة كالصاعقة أحيانا.
فقد جاء في رواية أبي نعيم في حلية الأولياء أن المنصور استدعى الإمام الصادق يوما وأجلسه إلى جانبه يحادثه بكل إجلال واحترام، فوقع الذباب على وجه المنصور ولم يزل يقع على وجهه وأنفه حتى ضجر منه المنصور، فقال:
لم خلق الله الذباب يا أبا عبد الله؟ فقال الصادق: ليذل به أنف الجبابرة، فوجم المنصور وتغير لونه ولم يتكلم معه بما يسيء إليه كلمة واحدة.
كما يروي الرواة أنه استدعاه إليه يعاتبه على قطيعته له وكان قد زار المدينة ولم يدخل عليه الإمام الصادق فيمن زاره من الوجوه والأشراف، فقال له:
لم لم تغشنا كما يغشانا الناس؟ فأجابه الإمام (عليه السلام): ليس لنا من أمر الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوه منك، ولا أنت في نعمة نهنئك بها، ولا في نقمة فنعزيك. فقال له المنصور: تصحبنا لتنصحنا، فرد عليه الإمام بقوله:
إن من يريد الدنيا لا ينصحك، ومن يريد الآخرة لا يصحبك. وما أكثر مواقفه التي كان يندد فيها بالحكام والجبابرة ويصفهم بأقبح الصفات ويحذرهم من سخط الله وعقابه والتمادي في الظلم والطغيان.
كما أن مواقفه مع ولاة المنصور كانت تتسم بالشدة عندما تدعو الحاجة لذلك، فقد جاء في بعض المرويات أن أحد ولاة المنصور في المدينة خطب يوم الجمعة بحضور الإمام ونال من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقام الإمام بعد أن فرغ الوالي من خطابه وقال - بعد أن حمد الله وصلى على رسوله -: أما ما قلت من خير
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»