موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٦
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم إن الربيع دخل به على المنصور، فلما رآه المنصور أغلظ له بالقول، فقال: يا عدو الله، اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم، وتلحد في [سلطاني وتبغيه] الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك.
فقال جعفر: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر وإن يوسف ظلم فغفر، فهؤلاء أنبياء الله وإليهم يرجع نسبك ولك فيهم أسوة حسنة. فقال المنصور: أجل، لقد صدقت يا أبا عبد الله، ارتفع إلى هاهنا عندي، ثم قال: يا أبا عبد الله إن فلان الفلاني أخبرني عنك بما قلت لك. فقال: أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك. فأحضر الرجل الذي سعى به إلى المنصور، فقال له المنصور: أحقا ما حكيت لي عن جعفر، فقال: نعم يا أمير المؤمنين.
قال جعفر: فاستحلفه على ذلك، فبدر الرجل وقال: والله العظيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأخذ يعدد في صفات الله. فقال جعفر: يا أمير المؤمنين، يحلف بما أستحلفه ويترك يمينه هذا، فقال المنصور: حلفه بما تختار، فقال جعفر (عليه السلام):
قل برأت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي، لقد فعل كذا وكذا.
فامتنع الرجل، فنظر إليه المنصور منكرا، فحلف بها فما كان بأسرع من أن ضرب برجله الأرض وقضى ميتا مكانه في المجلس، فقال المنصور جروا برجله وأخرجوه لعنه الله. ثم قال: لا عليك يا أبا عبد الله، أنت البريء الساحة، السليم الناحية، المأمون الغائلة، علي بالطيب والغالية، فأتوا بالغالية، فجعل يغلف بها لحيته إلى أن تركها تقطر، وقال في حفظ الله وكلائته، وألحقه الربيع بجوائز حسنة وكسوة سنية. قال الربيع: فلحقته بذلك، ثم قلت له: يا أبا عبد الله، إني رأيت قبلك ما لم تره أنت، ورأيت بعد ذلك ما رأيت، ورأيتك تحرك شفتيك،
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»