إنما هي للإمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي " (1).
إن الخط السياسي للإمام الصادق (عليه السلام) كان يقوم على أساس مقاطعة الحكم الجائر، المقاطعة الهادفة إلى التغيير الجذري للحكومة القائمة. إلا أنه لم يكن يرى أن الظهور بالسيف، والانتصار المسلح الآني يكفي لإقامة حكم الإسلام. لأن ذلك يتوقف على إعداد جيش عقائدي يؤمن بالإمام وعصمته إيمانا قاطعا، ويعي أهدافه، ويدعم نهجه في هذا المجال، ويحرس ما يحققه للأمة من مكاسب.
ولهذا عندما دخل سدير الصيرفي على الإمام الصادق (عليه السلام) وقال له: والله ما يسعك القعود. قال الإمام: " ولما يا سدير؟ "، فقال: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك. فسكت الإمام عنه، وذهب سدير معه إلى ينبع، فقال له الإمام وهو ينظر إلى قطيع من الجداء: " والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود " (2).
إن منهج الإمام الصادق (عليه السلام) في التغيير لم يكن منهجا تحكمه المغامرات العفوية والارتجال، بل كان منهجا تحكمه خطط محكمة قائمة على أسس فكرية وعقائدية موضوعية وواضحة (3).
ومن خلال الاستقصاء العام لحياة الإمام الصادق (عليه السلام) السياسية، يستخلص: أنه مارس ضد الحكم الجائر أنماطا فريدة في المجالات السياسية