موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٠٩
فقال الإمام: وكيف يكون قولك وقولهم واحدا، وهم يقولون إن لهم معادا وثوابا وعقابا ويدينون بأن في السماء إلها وإنها عمران، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد.
قال: فاغتنمتها منه فقلت له: ما منعه إن كان الأمر كما يقولون أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف عليه منهم اثنان؟ ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل، ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به؟
فقال الإمام: ويلك يا عبد الكريم، كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك، نشوؤك ولم تكن، وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك، وضعفك بعد قوتك، وسقمك بعد صحتك، وصحتك بعد سقمك، ورضاك بعد غضبك، وغضبك بعد بغضك، وبغضك بعد حبك، وعزمك بعد أناتك، وأناتك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك، وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك، ورهبتك بعد رغبتك، ورجاءك بعد يأسك، ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك، وغروب ما أنت معتقده في ذهنك، وما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه (1).
وينهزم ابن أبي العوجاء أمام هذا المنطق الفطري الرائع، ويؤخذ لا شعوريا ببساطة الحجة التي أغلقت على نفسه منافذ الشك والاعتراض، فتعقد الحيرة لسانه، ويختلط عليه موقف الحوار، وتصور أن الذي يحاوره إنسان ولكن ليس من جنس البشر.
وقد حاول الإمام في حواره أن يحتكم إلى رؤيا واقع مصيري، تنعكس

(١٠٩)
مفاتيح البحث: عبد الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»