كون الدينار في الكيس وأنت لا تعلم؟
قال: لا.
قال الإمام: فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس، فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة؟
فانقطع ابن أبي العوجاء وأجاب إلى الإسلام بعض أصحابه وبقي معه بعض المعاندين (1).
غير أن ابن أبي العوجاء لا يريد أن ينهزم أمام منطق الحق والإيمان ولو ظاهرا، رغم قناعته بالهزيمة على أرض الواقع، ووقوفه في الحوار أمام باب مغلق لا يبدو أنه ينفتح عليه بشيء، فيعاود الحوار في اليوم الثالث، ولكنه في هذه المرة يبدو متماسكا في حديثه، فيفرض مبدأ الحوار ويقف موقف المتسائل الذي يملك الحجة لنفسه بعد أن وجد من الإمام انبساطا وانفتاحا وسهولة في الحوار والمناظرة.
قال ابن أبي العوجاء: أقلب السؤال.
فقال الإمام: سل ما شئت.
فقال الزنديق: ما الدليل على حدوث الأجسام؟
فقال الإمام: إني ما وجدت شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا وإذا ضم إليه مثله صار أكبر، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى، ولو كان قديما ما زال ولا حال، لأن الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل، فيكون بوجوده بعد عدم دخوله في الحدث، وفي كونه في الأزل دخوله في العدم، ولن تجتمع صفة الأزل