وبالناس.
ومن المؤسف أن التأريخ لم يسجل لنا أيا من المناظرات العلمية التي جرت بين الإمام وابن المقفع، والذي يكشف عنها حواره هنا مع ابن أبي العوجاء.
وفيما يلي بقية الحوار.
فقال ابن أبي العوجاء: لا بد من اختبار ما قلت فيه منه.
فقال له ابن المقفع: لا تفعل فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك.
فقال: ليس ذا رأيك، ولكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت.
فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت على هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من الزلل، ولا تثني عنانك إلى استرسال فيسلمك إلى عقال، وسمه ما لك وما عليك.
ويذهب ابن أبي العوجاء ليلتقي بالإمام ثم لا يلبث أن رجع مخاطبا ابن المقفع قائلا: ويلك يا ابن المقفع ما هذا بشر، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا، ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا.
فقال له ابن المقفع: وكيف ذلك؟
قال ابن أبي العوجاء: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني، فقال:
إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء - مشيرا لمن في المطاف - وهو كما يقولون - يعني أهل الطواف -، فقد سلموا وعطبتم، وإن يكن الأمر على ما تقولون وليس كما تقولون فقد استويتم وهم.
فقلت له: يرحمك الله، وأي شيء نقول، وأي شيء يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحد.