موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٠٤
ترجعون) (1).
غير أن فكرة الزندقة والإلحاد في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) اتخذت شكلا علميا معمقا، وجعلت من عقيدة التوحيد السهلة اليسيرة مشكلة فكرية معقدة ذات طابع فلسفي غامض.
ولعل من أهم أسباب طروء هذا التغير الفكري هو انتشار البحوث الكلامية المعمقة، والتوسع في جهاتها المنهجية التحليلية بعيدة عن البساطة الفطرية، والصفاء الذهني والوجداني للإنسان.
والسبب المهم الآخر هو الانفتاح العلمي المفاجئ على المدارس الفلسفية اليونانية، والفلسفات الأخرى التي طورت الذهنية العلمية وأعطت للحوار العقائدي بين العلماء والمفكرين مجالا واسعا وعميقا بما تحمله من نظريات غامضة وشبهات وتشكيلات قد تبتعد بالإنسان عن معطيات الفطرة السليمة.
وقد ظهرت الانقسامات الفكرية في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) وتنوعت المذاهب والمدارس الفكرية الإسلامية واختلفت في اتجاهاتها وتباينت عمليات التركيز العام للأسس العقائدية والتشريعية فيما بينها، وانطلقت حركة الجدل الحاد بين مختلف الفرق الكلامية، ما بين المعتزلة والقدرية والمرجئة والخوارج وغيرها من الفرق التي خلفتها عوامل الانحراف الرهيب من سياسية وفكرية وغيرها من مسببات الانقسام والتمزق التي سببها غياب القيادة الإسلامية الملتزمة والمسؤولة، وضعف القيادات القائمة رساليا وفكريا، فضلا عن أن بعض القيادات الحاكمة كانت تشجعها.

(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»