موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٠٥
وفي خضم هذا المعترك المحموم، كان لا بد من أن يكون للإمام دوره القيادي المسؤول، خصوصا وإنه يمثل القاعدة الفكرية البارزة في المجتمع الإسلامي، والممثل الأصيل للرسالة في شتى منطلقاتها، فقد واجه الإمام مختلف الصراعات القائمة في عصره، ووقف منها موقف الرسالي الهادف، في مناظرات علمية رائعة، دافع فيها بما يملك من قوى إقناع هائلة ومنطق رسالي ثابت، جعلت من الخصوم الجبابرة أقزاما تتضاءل بين يديه وتذوب كما تذوب دمى الشمع عندما تلامسها حرارة النار، وأنى لدمى الباطل أن تصمد أمام إشراقة الحق، وكيف لها أن لا تذوي أمام حرارة الإيمان.
كما أن كثيرا من مناظرات الإمام (عليه السلام) قد أغفلها التأريخ مثل ما أغفل أخباره، وليس من المعقول أن تقتصر مناظراته على هذا القدر المحدود الذي نقلته لنا كتب الكلام والسيرة، مع ملاحظة ما كان يتمتع به الإمام (عليه السلام) من مركز علمي قيادي، والذي كانت حلقته الدراسية تمثل نقطة تحول وانطلاق ولقاء بين جميع عناصر المذاهب الفقهية والكلامية على اختلاف نزعاتها ومنطلقاتها المتنوعة، فمنها ما يتعلق بالتوحيد والجهات التي ترجع إلى بدء الخلق ومتفرعاتها، ومنها ما يتعلق بالإمامة والخلافة، ومنها ما يتعلق بالصراع الدائر بين مختلف المذاهب الإسلامية وغيرها من الملل والنحل، ومنها ما يتعلق بقضايا التشريع والفقه مما يمس نقاط الاختلاف القائم بين مختلف المدارس الفقهية في ذلك العصر، وغيرها من قضايا الساعة والشؤون التي تتعلق بالجوانب المتنوعة لجهات الفكر والمعرفة.
أما مناظراته (عليه السلام) في مجال التوحيد، فقد نقلت كتب السيرة والكلام بعض نماذج الحوار مع الزنادقة في عصر الإمام (عليه السلام) وعرض بعض مناظراته
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»