لحومها إذا أكلها المجذوم بشب نفعه، وتزعم أن الدود الأحمر الذي يصاب تحت الأرض نافع للآكلة؟
قال الزنديق: نعم.
قال الإمام: فأما البعوض والبق فبعض سببه أنه جعله بعض أرزاق الطير، وأهان به جبارا تمرد على الله وتجبر وأنكر ربوبيته، فسلط الله عليه أضعف خلقه، ليريه قدرته وعظمته وهي البعوض، فدخل في منخره حتى وصلت إلى دماغه فقتلته، واعلم أنا لو وقفنا على كل شيء خلقه الله تعالى لم خلقه؟ ولأي شيء أنشأه؟ لكنا قد ساويناه في علمه، وعلمنا كل ما يعلم، واستغنينا عنه وكنا وهو في العلم سواء.
ومن جملة ما طرحه الزنديق من الأسئلة، قال: أخبرني أيها الحكيم، ما بال السماء لا ينزل منها إلى الأرض أحد ولا يصعد إليها من الأرض بشر، ولا طريق إليها ولا مسلك، فلو نظر العباد في كل دهر مرة من يصعد إليها وينزل لكان ذلك أثبت للربوبية، وأنفى للشك وأقوى لليقين، وأجدر أن يعلم العباد أن هناك مدبرا، إليه يصعد الصاعد ومن عنده يهبط الهابط.
قال الإمام: إن كل ما ترى في الأرض من التدبير إنما هو ينزل من السماء ومنها يظهر، أما ترى الشمس منها تطلع وهي نور النهار وفيها قوام الدنيا ولو حبست حار من عليها وهلك، والقمر منها يطلع وهو نور الليل، وبه يعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام، ولو حبس لحار من عليها وفسد التدبير، وفي النجوم التي تهتدي بها في ظلمات البر والبحر، ومن السماء ينزل الغيث الذي فيه حياة كل شيء من الزرع والنبات والأنعام وكل الخلق، لو حبس عنهم لما عاشوا، والريح لو حبست إياه لفسدت الأشياء جميعا وتغيرت، ثم الغيم والرعد