في التوحيد مع بعض زنادقة زمانه الذين وجدوا في الإمام عنصر الكفاءة العلمية في أعمق معطياتها، فكان الإمام الإنسان الوحيد في عصره الذي انفتحوا عليه بجدية، بما يحملون من أفكار التشكيك والتلبيس، فمنهم من استسلم عن قناعة وإيمان، حينما كانت الحقيقة رائدهم في البحث والمناظرة، ومنهم من أصر على عناده على رغم اعترافه بالانهزام أمام منطق الإمام وحجته الدامغة.
وقد التزم الإمام (عليه السلام) في مناظراته مع خصومه بالمنطق السليم وأسلوبه السلس ونهجه المتميز في المناظرات، فهو يبسط الفكرة بسهولة فائقة، ويعرضها ببساطة متناهية يقترب بها حتى من الأذهان الساذجة، رغم العمق الذي يتسم به مضمونها، مما يكشف عن المقدرة البيانية الرائعة التي يمتلكها الإمام في التعبير والعرض، وهذا الأسلوب هو الأسلوب الرسالي الذي تميز به القرآن الكريم في عرضه لدلائل التوحيد، والاحتجاج على المشركين في قضايا العقيدة والإيمان.
كما أن الإمام الصادق (عليه السلام) اعتمد الحوار الهادئ الموضوعي في تقريب الفكرة من الخصم والعمق في مضمونها مع مراعاة بعض التأثيرات النفسية في بعض الحالات التي تبعد الخصم عفويا عن أجواء الشك والعناد والريبة الطارئة، وتضعه في الجو الفطري البريء المجرد من كل ما هو غريب عن إنسانيته وفطرته.
لقد وجد الزنادقة في الإمام الصادق (عليه السلام) أخطر خصم يواجهونه في حربهم مع الإسلام، فكانوا يحاولون إثارته بجدلهم المتعنت وتحدياتهم المثيرة، لكنه (عليه السلام) كان يواجه كل تلكم التحديات بهدوء وبروح العالم المطمئن لموقفه، والواثق بحجته، ووضوح الرؤيا في مسلكه، وبروح المسؤولية الرسالية التي اعتمدت الكلمة الهادئة