يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي وموازرتي وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو عليه قد حرب، وأمانة الناس قد خربت، وهذه الأمور قد قست، قلبت لابن عمك ظهر المجن (1)، وفارقته مع المفارقين، وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين.
فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك إنما كنت تكيد أمة محمد (صلى الله عليه وآله) على دنياهم، وتنوي غرتهم (2)، فلما أمكنتك الشدة في خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة، فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزل (3) رمية المعزى الكسير.
كأنك - لا أبا لك - إنما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، سبحان الله!
أما تؤمن بالمعاد؟! أو ما تخاف من سوء الحساب؟! أو ما يكبر عليك أن تشتري الإماء، وتنكح النساء بأموال الأرامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد؟!
أردد إلى القوم أموالهم، فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن الله فيك، فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل ما فعلت، لما كان لهما عندي في ذلك هوادة، ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة، حتى آخذ الحق، وأزيح الجور عن مظلومها، والسلام.
قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: أما بعد، فقد أتاني كتابك، تعظم علي