وهكذا ترجم عظمة الصبر، ودل على صلابته في محبته أمير المؤمنين صلوات الله عليه. ولما آن ذلك الأوان فعل زياد بن أبيه فعلته، ولم يتنازل رشيد عن الحق إلى أن استشهد وصلب (1).
6489 - الأمالي للطوسي عن بنت رشيد الهجري عن رشيد الهجري: قال لي حبيبي أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، أيكون آخر ذلك إلى الجنة؟ قال: نعم يا رشيد، وأنت معي في الدنيا والآخرة.
قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأبى أن يتبرأ منه، فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟
قال: أخبرني خليلي صلوات الله عليه أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني. فقال: والله لأكذبن صاحبك، قدموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا. فقلت له: يا أبه جعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألما؟ قال: والله لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس.
ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجعون له، فقال: ايتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام).
فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).
فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه، فمات من ليلته تلك