ابن ملجم، فتحمل ذلك لها، وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة، فقال: يا شبيب، هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: تساعدني على قتل علي بن أبي طالب - وكان شبيب على رأي الخوارج -. فقال له: يا بن ملجم، هبلتك الهبول، لقد جئت شيئا إدا، وكيف تقدر على ذلك؟ فقال له ابن ملجم: نكمن له في المسجد الأعظم، فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به، وإن نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا.
فلم يزل به حتى أجابه، فأقبل معه حتى دخلا المسجد على قطام - وهي معتكفة في المسجد الأعظم، قد ضربت عليها قبة - فقال لها: قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل. قالت لهما: فإذا أردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع.
فانصرفا من عندها فلبثا أياما، ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا أسيافهم ومضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الصلاة، وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وواطاهم عليه وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه (1).