إلى لغة أخرى؛ لغة تتناهى في امتدادها حتى تبلغ " الوجود " سعة، عساها - عندئذ - أن تدرك شيئا ضئيلا من كل هذه الفضيلة التي تحيط تلك الشخصية " العملاقة "، وما يحظى به من سمو ومناقب لا نظير لها، ثم عساها أن تؤلف كلاما يرتقي إلى مدى هذا الإنسان الإلهي، ويكون جديرا به.
أما أولئك الذين سلحتهم بصيرتهم بفكر نافذ عن الإمام، وأدركوا - إلى حد ما - أبعاده الوجودية؛ فما لبثوا أن اضطرموا بمحنة العجز وقد لاذوا بالصمت، ثم ما برحوا يجهرون أن هذا الصمت لم يكن إباء عن إظهار فضائل الإمام بقدر ما كان ينم عما اعتورهم من عجز، وهو إلى ذلك ينبئ عن حيرة استحوذت عليهم وهم لا يدرون كيف يصبون كل هذه الفضائل العلية في حدود الكلمات، وكيف يعبرون عن معانيها البليغة من خلال الألفاظ!
أجل، لم يكن قلة أولئك الذين أشربوا في أعماق نفوسهم هذا المعنى الرفيع للمتنبي، وهو يصدع:
وتركت مدحي للوصي تعمدا * إذ كان نورا مستطيلا شاملا وإذا استطال الشيء قام بنفسه * وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا من يريد أن يتحدث عن جلال علي وفضائله يستبد به العجز، وتطوقه الحيرة؛ فلا يدري ما يقول!
هي محنة كبيرة لا تستثني أحدا؛ أن ينطق الإنسان بكلام يرتفع إلى مستوى هذه " الظاهرة الوجودية المذهلة "؛ وهو عجز كبير مدهش يعتري