القسم الخامس: سياسة الإمام علي خمسة وعشرون عاما مضت على خلافة الخلفاء، وقد اتسعت الانحرافات، وتفشى الاعوجاج الذي كان قد بدأ بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى بلغت الأوضاع في مداها حدا أملى على الإمام علي (عليه السلام) أن يصف ما جرى بأنه " بلية " (1) كتلك التي كانت قبل الإسلام، وذلك في خطاب حماسي خطير ألقاه بدء الخلافة.
في هذه البرهة العصيبة ثار الناس ضد الخليفة وضد سلوكه ونهجه في الحكم، حتى إذا ما قتل انثالوا على الإمام بشكل مذهل، وهم يطالبونه باستلام الحكم.
لقد كان الإمام يدرك تماما أن ما ذهب لن يعود؛ إذ قلما عاد شيء أدبر. وعلى ضوء تقديره للأوضاع التي تناهت في صعوبتها امتنع في بادئ الأمر عن الاستجابة لهم، بيد أنه لم يجد محيصا عن إجابتهم بعد أن تعاظم إصرار المسلمين، وكثر التفافهم حوله.
كان أول ما طالعهم به في أول خطبة له حديثه عن التغييرات الواسعة التي يزمع القيام بها في المجتمع، كما أوضح في الحديث ذاته أصول منهجه ومرتكزاته.
هذا القسم يبدأ رحلته مع الإمام، فيسجل في البدء الأجواء التي لابست وصوله إلى السلطة وتسنمه للحكم، ثم يتابع تفصيليا انطلاق