الجميع مهما كانت القابلية وبلغ الاستعداد.
ولا ريب أن أبا إسحاق النظام كان قد لبث يفكر طويلا، وطوى نفسه على تأمل عميق مترامي الأطراف في أبعاد هذه الشخصية ومكوناتها، قبل أن يقول: " علي بن أبي طالب (عليه السلام) محنة على المتكلم؛ إن وفاه حقه غلا، وإن بخسه حقه أساء! ".
علي (عليه السلام) في سوح القتال اللاحبة هو الأكثر جهادا، والأمضى عزما، والأشد توثبا. وهو في مضمار الحياة الوجه المفعم بالألفة؛ حيث لا يرتقي إليه إنسان بالخلق الرفيع. وفي جوف الليل الأواب المتبتل، أعبد المتبتلين، وأكثر القلوب ولها بربه. وبإزاء خلق الله هو أرفق إنسان على هذه البسيطة بالإنسان، يفيض بالعطوفة واللين. وهو الأصلب في ميدان إحقاق الحق في غير مداجاة، المنافح عنه في غير هروب.
أما في البلاغة والتوفر على بدائع الخطابة وضروب الحكمة وفنون الكلام، فليس له نظير؛ وهو فارس هذا الميدان، والأمكن فيه من كل أحد. ولله در الشاعر العلوي، وهو يقول في ذلك:
كم له شمس حكمة تتمنى * غرة الشمس أن تكون سماها ترى، هل يمكن لإنسان أن يشرف على منعرجات التاريخ، ولا تشده تلك القمة الشاهقة في مضمار الكرامة والحرية والإنسانية، وهي تسمو على كل ما سواها!
وهل يسوغ لإنسان أن يمد بصره إلى صحراء الحياة، ثم لا يرفرف