الآثار: حاصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيبر بضعا وعشرين ليلة، وكانت الراية يومئذ لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فلحقه رمد أعجزه عن الحرب، وكان المسلمون يناوشون اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها. فلما كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا على أنفسهم، وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب.
فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر فقال له: خذ الراية، فأخذها - في جمع من المهاجرين - فاجتهد ولم يغن شيئا، فعاد يؤنب القوم الذين اتبعوه ويؤنبونه!
فلما كان من الغد تعرض لها عمر، فسار بها غير بعيد، ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه!
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ليست هذه الراية لمن حملها، جيؤوني بعلي بن أبي طالب.
فقيل له: إنه أرمد. قال: أرونيه تروني رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يأخذها بحقها ليس بفرار.
فجاؤوا بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يقودونه إليه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما تشتكي يا علي؟ قال: رمد ما أبصر معه، وصداع برأسي. فقال له: اجلس وضع رأسك على فخذي. ففعل علي (عليه السلام) ذلك، فدعا له النبي (صلى الله عليه وآله) وتفل في يده فمسحها على عينيه ورأسه، فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من الصداع. وقال في دعائه له: اللهم قه الحر والبرد. وأعطاه الراية - وكانت راية بيضاء - وقال له: خذ الراية وامض بها، فجبرئيل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم - يا علي - أنهم يجدون في كتابهم: إن الذي يدمر عليهم اسمه آليا، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي، فإنهم يخذلون إن شاء الله....
وجاء في الحديث: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما قال: أنا علي بن أبي طالب، قال حبر من أحبار القوم: غلبتم وما أنزل على موسى. فدخل قلوبهم من الرعب ما لم