وخليفتي فيكم بعدي (1).
111 - شرح نهج البلاغة عن أبي جعفر الإسكافي: قد روي في الخبر الصحيح أنه (صلى الله عليه وآله) كلفه (عليه السلام) في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكة أن يصنع له طعاما، وأن يدعو له بني عبد المطلب، فصنع له الطعام، ودعاهم له، فخرجوا ذلك اليوم، ولم ينذرهم (صلى الله عليه وآله)؛ لكلمة قالها عمه أبو لهب، فكلفه في اليوم الثاني أن يصنع مثل ذلك الطعام، وأن يدعوهم ثانية، فصنعه، ودعاهم فأكلوا.
ثم كلمهم (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى الدين، ودعاه معهم؛ لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لمن يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين، ووصيه بعد موته، وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده، وقال: أنا أنصرك على ما جئت به، وأوازرك وأبايعك، فقال لهم - لما رأى منهم الخذلان، ومنه النصر، وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة، وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة: هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فقاموا يسخرون ويضحكون، ويقولون لأبي طالب: أطع ابنك؛ فقد أمره عليك (2).
112 - الإرشاد: إن النبي (صلى الله عليه وآله) جمع خاصة أهله وعشيرته في ابتداء الدعوة إلى الإسلام، فعرض عليهم الإيمان، واستنصرهم على أهل الكفر والعدوان، وضمن لهم على ذلك الحظوة في الدنيا، والشرف وثواب الجنان، فلم يجبه أحد منهم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فنحله بذلك تحقيق الأخوة والوزارة والوصية والوراثة والخلافة، وأوجب له به الجنة.