مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٧٧
يقول الفيض الكاشاني (1) في تفسير هذه الآية (فإذا عزمت): فإذا وطنت نفسك على شئ بعد الشورى فتوكل على الله في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك، فإنه لا يعلمه سواه.
فالقرآن إذن يصرح بهذا التفكيك بين الأمر بالشورى وإقرارها، وبين الإلزام والالتزام بها، وليس معنى الأمر بالشورى وإقرارها الإلزام والالتزام.
وروى الشريف الرضي في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال لعبد الله بن عباس، وقد أشار عليه في شئ لم يوافق رأيه: عليك أن تشير علي فإذا خالفتك فأطعني (2).
القيمة التوجيهية للشورى:
ويبقى أن نتساءل: فما فائدة الشورى إذا، لو كانت غير ملزمة.
والجواب: إن في الشورى قيمة توجيهية كبيرة في تنضيج الرأي وتسديده، وفي استمالة قلوب الناس وإشراكهم في صناعة القرار. ولا تقتصر فائدة الشورى على الإلزام والالتزام لتفقد الشورى فائدتها إذا سلبنا عنها صفة الإلزام والالتزام.
وإذا اتضحت هذه النقطة في التفكيك بين الأمرين نقول: إن الآيتين الكريمتين لا تدلان على أكثر من إقرار الشورى والأمر بها، ولا تدلان بوجه على إعطاء الشورى قيمة القرار والإلزام.

(1) تفسير الصافي: 1 / 395.
(2) الوسائل: 8 / 428 ج 4 كتاب الحج باب 24 من أبواب أحكام العشرة، وفي نهج البلاغة: ص 531 رقم 321 من قصار الحكم لك أن تشير علي وأرى، فإن عصيتك فأطعني.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 83 ... » »»