الأمر ليس كذلك في مرحلة تحقق الإجماع، وقبل أن يتم انعقاد الإجماع، وبالنسبة إلى المجمعين أنفسهم، فإن عليهم أن يستندوا في رأيهم على سند شرعي من كتاب أو سنة.
وليس من الجائز قطعا، أن يجتمع الفقهاء في عصر من العصور اعتباطا، ومن دون مستند شرعي على حكم من الأحكام، فيكون حكما شرعيا.
وبتعبير آخر: إذا سألنا الفقهاء في مسألة إجماعية، عن المستند الذي يعتمدونه في الحكم الشرعي، فإن موقفهم في الجواب لا محالة ينشعب إلى موقفين اثنين: أما الفقهاء الذين لحقوا انعقاد الإجماع، فإنهم يعتمدون على الإجماع السابق عليهم، وهو موقف صحيح من دون ريب، بناء على حجية إجماع الفقهاء.
وأما بالنسبة إلى المجمعين أنفسهم، فليس من الجائز أن يعتمدوا على الإجماع، لأن الإجماع ينعقد باتفاقهم في الرأي (1).
والسؤال هنا عن مستند كل واحد من المجمعين، في رأيه الذي يكون مقدمة لانعقاد الإجماع، فلا يجوز أن يكون رأيا اعتباطيا غير قائم على مستند شرعي، كما لا يجوز أن يكون مستندا على الإجماع.
فلا بد إذن أن يعتمد المجمعون على مستند في الرأي.
وليس للفقهاء أن يفتوا بحكم شرعي، أو يروا رأيا في حكم من أحكام الله، من دون وجود دليل أو مستند شرعي على ذلك.
فلا يكون الإجماع إذن سندا لحكم شرعي، إلا إذا كان يقوم عند المجمعين أنفسهم فردا فردا على مستند شرعي يصح الاستناد إليه.