مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٧٦
بعيد، وليس معنى الإقرار بالشورى هو الإلزام والالتزام بنتيجة الشورى.
فإن الأمر بالنصيحة والتناصح فيما بين المسلمين شئ ولزوم الأخذ بالنصيحة أمر آخر لا علاقة له بالأمر الأول، ويحتاج إلى دليل آخر غير الدليل على الأمر الأول.
والقرآن الكريم نفسه يصرح بهذا التفكيك بين الأمرين في الآية الثانية، فيأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشورى: (وشاورهم في الأمر)، ثم يأمره أن يتوكل على الله فيما يعزم عليه هو.
يقول القرطبي (1) في تفسير هذه الآية: وقربها الشورى مبنية على اختلاف الآراء، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف، وينظر أقربها قولا إلى الكتاب والسنة إن أمكنه، فإذا أرشده الله تعالى إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكلا عليه.
ويقول البلاغي في (آلاء الرحمن) (2): (وشاورهم في الأمر) الذي يعرض، أي واستصلحهم واستمل قلوبهم بالمشاورة، لا لأنهم يفيدونه سدادا وعلما بالصالح. كيف وأن الله مسدده (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) النجم: 3 - 4، (فإذا عزمت) على ما أراك الله بنور النبوة، وسددك فيه (فتوكل على الله) آل عمران: 159.
ويقول السيد عبد الله شبر (3) في تفسير هذه الآية: فإذا عزمت على شئ بعد الشورى، فتوكل على الله في إمضائه.

(١) تفسير القرطبي: ٤ / ١٦٢.
(٢) آلاء الرحمن: ١ / ٣٦٢.
(٣) / تفسير شبر: ص 102.
(٧٦)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»