(قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن) الأنبياء: 56.
وهذا هو أصل (توحيد الربوبية).
4 - توحيد التشريع:
للربوبية والألوهية حقوق واختصاصات تخص (الإله) و (الرب) في حياة الناس، ومن هذه الاختصاصات والحقوق، حق التشريع في حياة الإنسان.
وقد اختص تعالى لنفسه بهذا الحق في حياة الإنسان، وذلك أن الله تعالى وحده الإله الحاكم في حياة الإنسان (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) الزخرف: 84.
وهو وحده (رب المشارق والمغارب) المعارج: 40 و (رب الناس)، أنشأهم، ورباهم، ويملكهم، ويدبر أمورهم (... برب الناس * ملك الناس * إله الناس) فهو بالضرورة يحق له وحده أن يشرع للناس، فإن التشريع يحدد من حرية الإنسان بالضرورة ولا يحق لأحد أن يحدد من حرية الآخرين إلا إذا كان يملك أمورهم، وكان المدبر المهيمن الحاكم عليهم، وهو الله تعالى فقط، ولا يشاركه فيه أحد، فإن الخلق، والتدبير، والهيمنة، والملك في نظر القرآن كل لا يتجزأ ولا يتعدد. فلا ملك بالحقيقة، ولا سلطان، ولا هيمنة، ولا تدبير لغير الله تعالى في حياة الإنسان، إلا أن يكون بإذن الله وفي امتداد سلطان الله وملكه وهيمنته وتدبيره.
وتوحيد الخلق، والتدبير، والهيمنة، والملك يقتضي توحيد التشريع بالضرورة، فلا يحق لأحد أن يشرع للآخرين إلا بإذنه وأمره.
فالحكم حكمان ولا ثالث لهما، فإما أن يكون الحكم لله وبأمر الله فهو دين الله، وإما أن يكون لغير الله فهو من حكم الجاهلية.