مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٧١
أبا بكر للصلاة بالمسلمين في مكانه، في اليوم الأخير من حياته، وقاس المسلمون عليه أمر الخلافة فقالوا: رضيه رسول الله لأمر ديننا، ونرضاه نحن لأمر دنيانا.
قال في فتح الغفار في معرض الحديث عن القياس والتمثيل له: كالإجماع على خلافة أبي بكر قياسا على إمامته في الصلاة، حتى قيل: رضيه رسول الله لأمر ديننا، أفلا نرضاه لأمر دنيانا؟ كذا في التلويح (1).
وهو قياس مع الفارق.
أولا: فإن الإمامة في الصلاة، تختلف عن إمامة المسلمين خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فالإمامة في الصلاة تجوز لأي شخص عدل من المسلمين، بينما لا تجوز الإمامة، كما سبق أن ذكرنا، إلا بتعيين من جانب الله تعالى. وقد خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم آخرين من الصحابة مكانه للصلاة عندما كان يخرج إلى الغزو خارج المدينة، ولم يستند أحد من المسلمين إلى مثل هذه التعيينات التي صدرت منه صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، ليقيس عليه أمر الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلافة عنه.
وثانيا: ليست حجية القياس أمرا مجمعا عليه بين المسلمين، ولا يمكن اعتماده أساسا للاستنباط.
وثالثا: إن صلاة أبي بكر بالمسلمين بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موضع كلام، والروايات فيها مضطربة قلقة، والأقوال فيها مختلفة. ولا نريد أن نخوض هذا البحث، إلا أننا على ثقة أن القارئ لو قدر له أن يجمع الروايات الواردة في صلاة أبي بكر، ويقارن بعضها إلى بعض لم يخرج عنها بمحصل.

(1) فتح الغفار في شرح المنار: 2 / 6.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»