مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٦٩
أن عرفنا عدم إمكان تجرد الإجماع من مستند ودليل شرعي.
ومن الممكن في مثل هذا الحال، أن يضيع هذا المستند، فيكون الإجماع حاكيا عنه ودليلا عليه.
فالإجماع إذن ليس دليلا شرعيا قائما بالذات، وأصلا برأسه، كما كان الأمر كذلك في الكتاب والسنة، وإنما هو أصل حاك يكشف عن وجود نص مفقود من السنة دائما.
والآن، بعد هذه الجولة في حجية الإجماع نقول: إن الإجماع على انتخاب شخص للإمامة لا يكون حجة بذاته، وإنما يكون حجة بما يستند إليه من النص بناء على ما تقدم من ضرورة وجود مستند للإجماع من السنة. وعندئذ يكون النص هو الحجة، والإجماع كاشف عنه فقط، وليس للإجماع حيثية ذاتية في الحجية.
ولا ريب في أن النص حجية في تعيين الإمام، وهو ما نريد إثباته من (نظرية النص) في الإمامة والولاية. ولا يمكن أن يخفى هذا النص عن المجمعين أنفسهم (وهو جيل الإجماع)، لأن المفروض أن إجماعهم يستند إلى هذا النص (1)، كما لا يمكن أن يضيع هذا النص عن الجيل الذي يلي جيل الإجماع في مسألة خطيرة، شديدة الحساسية والأهمية، مثل مسألة خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فلو كانت خلافة

(1) إنما يقول العلماء بعدم تمامية (الإجماع المستند) فيما إذا كان الإجماع يستند اجتهادا معينا لإمكان التشكيك في الاجتهاد الذي كان أساسا للإجماع، وعليه فإذا شككنا في سلامة الاجتهاد وصحته يسقط الإجماع عن الحجية رأسا. وليس كذلك الإجماع الذي يستند نصا شرعيا ضاع بمرور الزمن، وبقي الإجماع كاشفا عنه، فإن هذا هو القدر المتيقن من حجية الإجماع، ولا يكون الإجماع حجة من دونه.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»