ولذلك قالوا: إن دليل الإجماع دليل طريقي كاشف ولا موضوعية له في الحكم. بمعنى أنه دائما طريق ومرآة للكشف عن المستند الشرعي للحكم، وليس هو في حد ذاته مستندا للحكم الشرعي. قال في كشف الأسرار:
واعلم أن عند عامة الفقهاء والمتكلمين لا ينعقد الإجماع إلا عن مأخذ ومستند، لأن اختلاف الآراء والهمم يمنع عادة من الاتفاق على شئ إلا عن سبب يوجبه، ولأن القول في الدين بغير دليل خطأ. إذن الدليل هو الموصل إلى الحق، فإذا فقد لا يتحقق الإجماع، إنما يتقوم بآرائهم. ومن المستحيل مع ذلك أن تتقوم آراؤهم بالإجماع. فإن ذلك هو الدور الذي لا يشك أحد في استحالته بأن يكون الرأي عند الفقهاء، ويقع في رتبة سابقة على الاتفاق والاختلاف، فإذا تحقق الرأي من ناحية الفقهاء، يتحقق بعد ذلك الاتفاق أو الاختلاف. فكيف يجوز أن يعتمد الفقيه في رأيه على الاتفاق الذي يتحقق في رتبة لاحقة وفيما بعد الوصول إليه؟! فلو اتفقوا على شئ من غير دليل، لكانوا مجمعين على الخطأ، وذلك قادح في الإجماع (1).
ويقول العلامة الحلي: لا يجوز الإجماع إلا عن دليل، وإلا لزم الخطأ على كل الأمة (2).
ضياع المستند:
وقد يثار هذا السؤال: فما هي فائدة الإجماع إذن ما دامت حجية الإجماع متوقفة على وجود مستند شرعي؟ فإن المستند الشرعي في هذا الحال إن وجد،