مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٦٨
فهو الدليل الذي يعتمده الفقيه في الفتوى، وليس الإجماع، وهو سؤال وجيه.
والجواب: إن المستند الشرعي الذي يستند إليه الإجماع - عند تحقق الإجماع - قد يضيع بعد ذلك ويختفي فيما يضيع ويختفي من الأدلة والمستندات الشرعية، فيكشف الإجماع عن وجود مستند شرعي يصح الاعتماد عليه.
فإذا ما واجه الفقيه حكما مجمعا عليه من الكتب الفقهية، ولم يعثر على دليله، اكتفى بالإجماع دليلا عليه وحكم به، باعتبار أن الإجماع لا بد أن يقوم - عند تحققه - على مستند شرعي صحيح استند إليه المجمعون، فإذا ضاع ذلك المستند، فإن الإجماع يكشف عنه.
ولهذا السبب فإن الاعتماد على الإجماع، يؤول في واقع الأمر إلى الاعتماد على الدليل الذي يستند إليه المجمعون. وإذا كان هذا الدليل قد اختفى، فإن الإجماع يكشف عنه على نحو الإجمال.
وهذا هو ما يعنيه الفقهاء، من أن الإجماع ليس أصلا قائما بذاته، وإنما هو حكاية عن أصل شرعي، وطريق إليه يكشف عنه ويستند إليه.
مستند الإجماع:
ومن الواضح أن مستند الإجماع في مثل هذا الحال في أمر الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الصدر الأول، لا يمكن أن يكون من الكتاب الكريم. فإن القرآن محفوظ بأجمعه لم يمسه تحريف أو تغيير أو ضياع.
ولا يمكن أن يكون المستند حكما عقليا عند من يرى العقل حجة، فإن الناس سواء في أحكام العقل، ولا معنى لضياع المستند واختفائه في مثل هذا الحال.
ولم يبق في البين احتمال آخر، غير أن يكون مستند الإجماع من السنة، بعد
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»