مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٦٥
لمسألة من هذا القبيل. ولم نعهد في تاريخ الإسلام، ولا مرة واحدة على الأقل، أن الخلافة استقرت لأحد من المسلمين بإجماع من الأمة، ورضيها الجميع من دون استثناء.
فلا يمكن إذن أن يسند الشارع شرعية الخلافة والإمامة إلى إجماع الأمة، ما دام الإجماع بهذا المعنى، أمرا يمتنع تحققه في مسألة من هذا القبيل.
الدليل الاستنادي:
وحتى لو تساهلنا في الأمر، واعتبرنا إجماع أهل الحل والعقد، وأهل العلم والرأي كافيا في انعقاد الإمامة، فإن الإجماع مع ذلك لا يمكن أن يحل محل النص في شرعية البيعة، فإن دليل الإجماع يختلف عن الكتاب والسنة، في أنه ليس دليلا قائما بالذات، ولا وجود له على نحو الاستقلال في قبال الكتاب والسنة، وإنما يستند في الكشف عن الحكم الشرعي دائما على دليل آخر من كتاب أو سنة، وتفصيل هذا الإجمال:
إننا حينما نفحص الإجماع من حيث المحتوى، نجد أنه تراكم من الآراء والفتاوى، متفقة من حيث الشكل والمضمون، واتفاق من الفقهاء وأهل العلم والرأي في إسناد حكم إلى الله تعالى.
ونقف هنا عند كلمة (إسناد حكم إلى الله)، فإن حقيقة الإجماع، أن يتفق المجمعون على رأي واحد في إسناد الحكم إلى الله.
ومن الواضح أن إسناد حكم إلي الله تعالى، لا يجوز من دون مستند شرعي بالنسبة إلى المجمعين أنفسهم، وفي مرحلة سابقة على تحقق الإجماع.
فإذا تحقق الإجماع، كان سندا شرعيا للفقهاء بعد ذلك في الحكم. غير أن
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»